{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1)}{إِذَا الشمس كُوّرَتْ} أي لفت من كورت العمامة إذا لففتها وهو مجاز عن رفعها وإزالتها من مكانها بعلاقة اللزوم فإن الثوب إذا أريد رفعه يلف لفًا ويطوى ثم يرفع ونحوه قوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِى السماء} [الأنبياء: 104] ويجوز أن يراد لف ضوئها المنبسط في الآفاق المنتشر في الأقطاء إما على أن الشمس مجاز عن الضوء فإنه شائع في العرف أو على تقدير المضاف أو على التجوز في الإسناد ويراد من لفه إذهابه مجازًا بعلاقة اللزوم كما سمعت آنفًا أو رفعه وستره استعارة كما قيل وقد اعتبر تشبيه الضوء بالجواهر والأمور النفيسة التي إذا رفعت لفت في ثوب ثم تعتبر الاستعارة ويجعل التكوير عنى اللف قرينة ليكون هناك استعارة مكنية تخييلية وكون المراد إذهاب ضوئها مروى عن الحسن وقتادة ومجاهد وهو ظاهر ما رواه جماعة عن ابن عباس من تفسيره كورت باظلمت والظاهر أن ذاك مع بقاء جرمها كالقمر في خسوفه وفي الآثار ما يؤيد ذلك وقيل أن ذاك عبارة عن إزالة نفس الشمس والذهاب بها للزوم العادي واستلزام زوال اللازم لزوال الملزوم ويجوز أن يكون المراد بكورت ألقيت عن فلكها وطرحت من طعنه فحوره وكوره أي ألقاه مجتمعًا على الأرض والقاؤها في جهنم مع عبدتها كما يدل عليه بعض الأخبار المرفوعة ويذهب إذ ذاك نورها كما صرح به القرطبي أو في البحر كما يدل عليه خبر ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن ابن عتيك وفيه أن الله تعالى يبعث ريحًا دبورًا فتنفخه أي البحر حتى يرجع نارًا وعظم جرم الشمس اليوم لا يقتضي استحالة القائها في البحر ذلك اليوم لجواز اختلاف الحال في الوقتين والله عز وجل على كل شيء قدير لكن جاء في الأخبار الصحيحة أن الشمس تدنو يوم القيامة من الرؤوس في المحشر حتى تكون قدر ميل ويلجم الناس العرق يومئذٍ ولا بحر حينئذٍ لتلقى فيه بعد فلا تغفل وعن أبي صالح كورت نكست وفي رواية عن ابن عباس تكويرها إدخالها في العرش وعن مجاهد أيضًا اضمحلت ومدار التركيب على الإدارة والجمع هذا ولم نقف لأحد من السلف على إرادة لفها حقيقة وللمتأخرين في جواز إرادته خلاف فقيل لا تجوز إرادته لأن الشمس كرية مصمتة وغاية اللف هي الإدارة وهي حاصلة فيها وقيل تجوز لأن كون الشمس كذلك مما لا يثبته أهل الشرع وعلى تسليمه يجوز أن يحدث فيها قابلية اللف بأن يصيرها سبحانه منبسطة ثم يلفها وله عز وجل في ذلك ما له من الحكم ويبعد إرادة الحقيقة فيما أرى كونها كيفما كانت من الأجرام التي لا تلف كالثياب نعم القدرة في كل وقت لا يتعاصاها شيء وارتفاع الشمس بفعل مضمر يفسره المذكور عند جمهور البصريين لاختصاص إذا الشرطية عندهم بالفعل وعلى الابتداء عند الأخفش والكوفيين لعدم الاختصاص عندهم وكون التقدير خلاف الأصل وكذا يقال في قوله تعالى: